حتى الأذكياء قد يخطئون: دروس من خسائر مايكل بوري في ٢٠٢٣
قال الاقتصادي الشهير جون ماينارد كينز ذات مرة:
“السوق قادر على البقاء غير عقلاني لفترة أطول مما يمكنك البقاء فيها قادرًا على الدفع.”
هذا الاقتباس يلخص حقيقة مرة في عالم الاستثمار: أنك قد تكون محقًا، ومع ذلك تخسر أموالك. وهذه كانت حال مايكل بوري في عام ٢٠٢٣.
خيبة مايكل بوري: من بطل الأزمة إلى خسارة ٤٠٪
اشتهر بوري بكونه الرجل الذي تنبأ بانهيار السوق العقاري الأمريكي في ٢٠٠٨. لكنه في ٢٠٢٣، خسر الكثير بسبب رهاناته المعاكسة على السوق.
قام بفتح مراكز شورت كبيرة ضد مؤشري S&P 500 و ناسداك 100. ومع تحسن بيانات التضخم، وتراجع مؤشر أسعار المستهلك، بدأ السوق في الصعود عكس توقعاته، مما تسبب له بخسارة تقارب ٤٠٪.
رهانه على قطاع الرقائق… ومفاجأة السوق
وبحسب تقرير من Finbold، راهن بوري أيضًا ضد صندوق iShares Semiconductor ETF (SOXX) باستخدام خيارات بيع بقيمة ٤٧.٤ مليون دولار.
لكن الصندوق ارتفع بنسبة تفوق ١١٪ خلال شهر، ليصل إلى مستوى قياسي عند ٥٦٩.٨٩ دولار في ديسمبر ٢٠٢٣.
ارتفعت أسهم شركات الرقائق بنسبة ٦٥٪ خلال العام، مدفوعة بطفرة الذكاء الاصطناعي، مما تسبب في خسائر ضخمة غير محققة لبوري.
هكذا أثبت السوق مرة أخرى أنه لا يرحم حتى الأذكى إذا خالف الاتجاه العام.
ارتفاعات صادمة: من تسلا إلى كارفانا
على الرغم من التحديات الاقتصادية، شهد عام ٢٠٢٣ انتعاشًا مذهلًا في بعض القطاعات.
ارتفعت أسهم شركات مثل Nvidia، Tesla، Meta بأكثر من ١٠٠٪ خلال العام، متجاوزة كل التوقعات.
ليس هذا فقط، بل حتى الشركات التي كانت تعاني مثل Carvana وApple سجلت مكاسب ضخمة.
خسر من راهن ضد كارفانا ما يقارب ٢.٢٥ مليار دولار، بينما تكبدت الرهانات ضد آبل خسائر تقارب ٧.٥ مليار دولار.
لماذا فشل الكثير من الشورت سيلرز؟
هذه القفزات جعلت من استراتيجية البيع على المكشوف (Short Selling) خيارًا خاسرًا.
السوق ببساطة قرر أن يصعد، ومن خالفه دفع الثمن.
دور الفيدرالي: كيف ساهم في قلب الطاولة؟
في بداية العام، رفع الاحتياطي الفيدرالي أسعار الفائدة، ما عزز توقعات السوق الهابطة.
لكن منتصف العام شهد تحولًا كبيرًا في المزاج العام، حيث بدأت التوقعات تشير إلى إيقاف رفع الفائدة، بل وحتى خفضها لاحقًا.
هذه التوقعات أطلقت موجة صعود في الأصول عالية المخاطر، وخاصة أسهم الشركات الصغيرة والمتوسطة، التي كانت أكثر عرضة لتكاليف الاقتراض العالية.
التحول المفاجئ في السياسة النقدية
كل من راهن على انهيار السوق فوجئ بعكس ما توقع.
وبدلاً من انخفاض الأسعار، ارتفعت بقوة.
تغير السياسات أوجد فوضى في حسابات الكثير من المستثمرين، وأجبرهم على تعديل استراتيجياتهم بسرعة كبيرة.
ما هي حقيقة البيع على المكشوف؟
للتوضيح، البيع على المكشوف يعني أنك تبيع سهماً لا تملكه، معتقدًا أن سعره سينخفض.
تقوم باقتراضه من وسيط، وتشتريه لاحقًا بسعر أقل.
لكن إذا ارتفع السعر، تخسر. والخسارة غير محدودة نظريًا.
لذلك، هو أسلوب عالي المخاطرة، ويتأثر بشدة بأي تغيّر في سياسات البنك المركزي أو توقعات السوق.
في النهاية: كن متواضعًا أمام السوق
عام ٢٠٢٣ قدّم درسًا قاسيًا: أن تكون محقًا لا يعني بالضرورة أن تجني المال.
الأسواق لا تتبع المنطق دائمًا، وأحيانًا تسير عكس كل التوقعات.
لهذا، على المستثمر أن يتعامل بتواضع مع السوق، ويتجنب الثقة الزائدة.
البيع على المكشوف قد يكون أداة مفيدة، لكن استخدامه في بيئة متفائلة مثل ٢٠٢٣ كان بمثابة لعب بالنار.
إخلاء مسؤولية:
المحتوى المنشور على موقع arabialists.com لأغراض معلوماتية فقط، ويعكس وجهات نظر وتجارب شخصية.
لا يُعتبر هذا المحتوى نصيحة مالية أو قانونية أو صحية.
نوصي دائمًا بإجراء بحث مستقل واستشارة متخصصين قبل اتخاذ أي قرارات مالية أو استثمارية.
اترك تعليقاً
يجب أنت تكون مسجل الدخول لتضيف تعليقاً.