لقطة شاشة من حساب Michael Burry المعروف بتنبؤه بأزمة 2008، نُشرت فيها تغريدة تحمل طابعًا تحذيريًا تقول: “Sometimes, we see bubbles. Sometimes, there is something to do about it. Sometimes, the only winning move is not to play.” تظهر أسفل التغريدة صورة لمايكل بيري من فيلم The Big Short وهو يراقب الأسواق بتركيز شديد. تعكس الصورة والتغريدة معًا رؤيته الحذرة تجاه الأسواق الحالية، وإشارته إلى احتمال تشكل فقاعة جديدة.

مايكل بيري و10 توقعات لم تتحقّق: هل تصدق نبوءته في 2025؟

وهم الاحتمال ٥٠٪: مايكل بيري وتكرار النبوءة نفسها

مايكل بيري عاد من جديد ليتحدث عن انهيار السوق في عام 2025.
التاريخ يعيد نفسه، والعناوين تتكرر، وكأننا ما زلنا نعيش في 2008.

لكن دعنا نكون صادقين:
ربما يكون محقًّا، وربما لا.
ففي النهاية، النتيجة دائمًا ٥٠/٥٠ — لا أحد يعرف.

الأسواق لا تعمل بالمنطق الذي نحبه، بل بمزيج من الخوف والطمع.
وعندما يظهر مايكل بَري — الرجل الذي توقّع أزمة الرهن العقاري الشهيرة — تشتعل مواقع التواصل.
البعض يراه عبقريًا يرى ما لا نرى، والبعض الآخر يعتبره «أسير نجاح قديم».

لكن ما الذي يجعل الناس يصدّقونه في كل مرة؟
ربما لأن الخوف سلعة رابحة.
وربما لأننا جميعًا نبحث عن منقذ يخبرنا متى نبيع قبل العاصفة.

تخيّل المشهد في بيتك:
زوجتك تنظر إلى السماء وتقول بثقة:

«الدنيا شكلها وحش… بيع الأسهم!»

إذا انهار السوق غدًا، ستذكّرك بأنها كانت على حق.
وإن لم ينهَر، ستجد ألف مبرّر لتفسير «التأجيل».
هذا بالضبط ما يفعله السوق… وهذا ما يفعله مايكل بَري منذ 17 عامًا.

فكل تصريح جديد منه يصبح عُنوانًا يتصدر تويتر (أو X) ومواقع المال.
لكن قليلون يسألون السؤال الأهم:
كم مرة أخطأ مايكل بَري بعد نجاحه التاريخي في 2008؟
وهل تكون نبوءته لعام 2025 مختلفة هذه المرة؟

في هذا المقال، سنستعرض عشر نبوءات فاشلة لمايكل بَري، ونحلل لماذا يخسر الرهان في كل مرة رغم ذكائه.
كما سنجيب على السؤال الذي يتكرّر في أذهان المستثمرين:
هل يجب أن نصدّق مايكل بَري الآن، أم نتجاهله ونواصل الاستثمار بهدوء؟


سجلّ مايكل بيري بعد 2008: عبقري ضربة واحدة؟

بعد أن أصبح مايكل بيري بطل فيلم The Big Short، تحوّل إلى رمز في عالم الاستثمار.
لكن منذ ذلك الحين، وكأنه يعيش داخل فقاعة من المجد القديم.

منذ عام 2008 وحتى اليوم، أطلق أكثر من عشر نبوءات بانهيار السوق.
كل واحدة منها كانت تتصدّر العناوين،
لكن معظمها انتهى إلى لا شيء.

في لغة الأرقام:
من بين 16 توقّعًا صريحًا بالهبوط، أصاب مرّتين فقط.
أي أن نسبة نجاحه أقل من ١٣٪.
ومع ذلك، كل مرّة يعود، والجمهور ينتظر.


١٠ نبوءات لمايكل بَري لم تتحقّق

١. ٢٠١٧ — انهيار عالمي لم يأتِ

توقّع حربًا مالية عالمية بسبب ديون الصين.
لكن ما حدث كان العكس تمامًا:
المؤشر S&P 500 قفز بأكثر من ٩٠٪ خلال الأعوام التالية.

٢. ٢٠١٨ — «الفقاعة التقنية الكبرى»

قال إن شركات التكنولوجيا ستنهار قريبًا.
في الواقع، بدأت آبل وأمازون ونتفليكس رحلة صعود تاريخية.

٣. ٢٠١٩ — صناديق المؤشرات «فقاعة خطيرة»

حذّر من أن الاستثمار في Index Funds سيؤدي إلى انهيار جماعي.
لكن هذه الصناديق تضاعفت قيمتها خلال عامين،
وأصبحت أكثر شعبية من أي وقت مضى.

٤. ٢٠٢٠ — «كارثة بعد كوفيد»

صرّح أن تعافي الأسواق بعد الجائحة مؤقت جدًا.
لكن ٢٠٢٠ و٢٠٢١ كانتا من أقوى فترات النمو في تاريخ السوق الأمريكي.

٥. ٢٠٢٠–٢٠٢١ — هجومه على تسلا

قال إن تسلا مبالغ في قيمتها وأنها ستنهار.
خلال الأشهر التالية، ارتفع السهم بنسبة ٧٠٠٪.

٦. ٢٠٢١ — «أمّ كل الانهيارات»

غرد قائلاً إن انهيارًا أسطوريًا قادم لا محالة.
بدلًا من ذلك، شهدت الأسواق واحدة من أطول موجات الصعود.

٧. ٢٠٢٢ — الانكماش العظيم

توقّع أن رفع الفائدة سيحطم السوق تمامًا.
لكن البنوك المركزية نجحت في احتواء الأزمة، والأسواق تعافت سريعًا.

٨. ٢٠٢٣ — الرهان الكبير ضد السوق

كشف أنه راهن بـ٩٠٪ من محفظته ضد المؤشرات الأمريكية.
النتيجة؟ المؤشر S&P 500 ارتفع ٣٨٪.

٩. ٢٠٢٤ — تحذير جديد من «الركود القادم»

قال إن البيانات الاقتصادية «مفبركة» وأن الركود قادم.
لكن معدلات البطالة بقيت عند أدنى مستوياتها منذ ٥٠ عامًا.

١٠. ٢٠٢٥ — النبوءة الجديدة

ها هو يعود مجددًا.
يحذّر من انهيار قادم، ويتحدث عن «فقاعة الذكاء الاصطناعي».
فهل يكون هذه المرة على حق؟ أم أنها جولة أخرى في حلقة التكرار؟


لماذا يُخطئ مايكل بيري رغم ذكائه؟

مايكل بيري ليس هاويًا، بل أحد أذكى العقول في وول ستريت.
رجل قرأ البيانات قبل الآخرين، ورأى ما لم يره أحد في أزمة 2008.
لكن الذكاء لا يعني العصمة من الخطأ — خصوصًا في سوق يحكمه الزمن لا المنطق.

مايكل بيري يفهم الأرقام، لكنه يراهن ضد الناس.
وفي الأسواق، لا يكفي أن تكون على حق في الفكرة،
بل عليك أن تكون على حق في التوقيت — وهذه اللعبة يخسرها حتى الأذكى.

قال الاقتصادي كينز:

«السوق يمكن أن يبقى غير عقلاني أطول مما يمكنك البقاء قادرًا على الدفع.»

مايكل بيري غالبًا يكون مُحقًّا… ولكن مبكرًا جدًا.
يرى الخطر من بعيد، فيخسر المال قبل أن يصل الخطر أصلًا.


بعض الرهانات التي أصابت الهدف

  • ٢٠٢١ — بيتكوين (BTC): توقّع هبوطًا بنسبة ٢٨٪ خلال ثلاثة أشهر، وأصاب.
  • ٢٠٢٥ — إنفيديا (NVIDIA): صفقة بيع قصيرة حقّقت ربحًا مؤقتًا بعد هبوط السهم بنسبة ٢٣٪،
     لكن السهم عاد وتعافى لاحقًا ليعوّض كل الخسائر.

النمط المتكرّر

مايكل بيري أصبح أسطورة بعد نبوءة واحدة تاريخية،
ثم كرّر المحاولة كل عام تقريبًا منذ ذلك الحين.

المحلّل مارك شاكن وصفه ذات يوم بأنه:

«حصان سباق فاز مرة واحدة وما زال يجري نفس اللفة منذ ١٧ سنة.»

سبعة عشر عامًا من الإنذارات الكاذبة تكفي لتوضّح أن
متابعة كل تغريدة متشائمة منه قد تضرّ أكثر مما تنفع.


الضجيج مقابل الإشارة

سمعت هذا العام أكثر من مرة أن «السوق في فقاعة».
وسمعت أن «سبتمبر وأكتوبر خطيران دائمًا» — (خطأ مجددًا).
ثم يأتينا الحديث السنوي عن «رالي سانتا كلوز»،
وكأن سانتا يهتم بمحفظتك الاستثمارية.

ربما تكون هذه التوقعات صحيحة، وربما لا.
لكن الحقيقة أن معظمها ضجيج.
لا يمكنك التحكّم بالعناوين أو بالعاطفة العامة أو بالتوقيت.
يمكنك فقط أن تتحكّم بما تملكه وبكم من الوقت ستصبر عليه.

أن تكون على حق في التحليل الأساسي لا يعني أن السوق سيتّفق معك،
ولا يعني أن الآخرين سيتحرّكون حين تتحرّك.


الحماية الحقيقية: الوقت لا التوقيت

تعلّمت — بالطريقة الصعبة — أن البقاء في السوق أهم من التكهّن به.
كلما طال أفقك الاستثماري، قلّ أثر كل هبوط مؤقت.

الفرق بين الخسارة والتعافي هو جودة الشركات التي تملكها.
الشركات القوية تتعافى وتنمو.
أما الأسهم «الخيالية» التي تُشترى من أجل الحلم، فغالبًا لا تعود.

وحين يهبط السوق، الفرصة ليست في الهروب،
بل في زيادة المراكز الجيدة بثقة وصبر.


النهاية: حين تتكرر النبوءة، لا تتغيّر الحقيقة

ربما يصيب مايكل بيري هذه المرة.
وربما لا.
لكن الشيء المؤكد أن الأسواق لا تسقط لأن أحدهم توقّع ذلك،
ولا ترتفع لأن محللًا كتب تغريدة.

في كل مرة يصرخ فيها أحدهم «الانهيار قادم»،
هناك آخر يبني محفظته بهدوء ويشتري ما يراه ذا قيمة.
بعد عامين، الأول يكتب «قلت لكم»،
والثاني يجني الأرباح.

الأسواق تشبه الحياة: من يتنبأ بها يخسر، ومن يتعايش معها يربح.
الذكاء الحقيقي ليس في توقّع ما سيحدث،
بل في الاستعداد لما سيحدث — أيا كان.

ابق مستثمرًا، لا متنبئًا.
راقب ما تملك، وتعلّم من التاريخ، ولا تضع ثقتك في التغريدات أو العناوين.
فالأسواق تصعد وتهبط، ثم تصعد مجددًا،
لكن من يبقى صامدًا هو من يفوز في النهاية.


هذه ليست نصيحة مالية، بل خلاصة تجربة.
في عالم الاستثمار، من يتقن الانتظار ينتصر،
أما من يطارد النبوءات، فيخسر قبل أن تبدأ اللعبة.

مقالات اخري:
الفرق بين الادخار والاستثمار: ٧ قواعد لفهم متى تدخر أو تستثمر؟
7 فقاعات هزّت العالم: دروس لا تُنسى من اقتصاد الفقاعة


اكتشاف المزيد من قوائم عربية

اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.

اترك تعليقاً

Scroll to Top